حقوق الانسان الفلسطينى المغتصبة
' لم يسبق أن أهينت العدالة كما تهان اليوم.. كل قطعة من الخبز كانت شديدة المرارة ، لان الانسان لم يتمكن من أن يبتلعها، الا وهو جاث على ركبتيه من الذل' كلمات خالدة للمناضل الثورى يوليوس فوتشيك حينما احتل النازيون مدينة براغ عام 1939 .
قحط كصحراء التيه.. سياط على الاعناق ولا مغيث.. حقوق الانسان الفلسطينى فى انتهاك متواصل .. يجرى دائما اغتصابها ، والتعدى عليها ، فى غزة والضفة الغربية ، فى لبنان وفى العراق ، ومواقع الشتات العربية ، والعبرية والاوربية ، والامريكية ، بلا تمييز ، يجرى دوس آدميته ، وامتهان لكرامته بلا خجل او ضمير .
أيها الفلسطينى يشمون رائحتك عن بعد ، ويحسون بتمردك على الظلم والاستغلال والاحتلال ... فعيونهم عليك بالمرصاد .. لماذا أنت مشاكس لماذا لا تخنع ، ولا تخضع ؟؟؟ فالعالم العربى فى خنوع ، واستسلام ، أنت من بقى فى قعر الفنجان ، لا بد من غسله فرائحتك لا تعجبهم ، ابصم وأعلن عن تعاطيك مع الخديعة الكبرى ، فأنت من تعطل السير على الطريق الامريكية .. هل تصدق أن امريكا ستنصفك من قاعدتها العدوانية اسرائيل ، وحبيبة قلبها ، فتزيل المستوطنات ، وتهدم جدار الفصل العنصرى ، وتسمح لك باقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس ، وتعيد اللاجئين لديارهم طبقا للقرار 194 فى اجتماع الخريف القادم ، وأنت مشلول ومقسوم ؟؟؟!!! هل تصدق أنهم سيطبقون قرارات الشرعية الدولية التى صدرت منذ أكثر من خمسين عاما وهى مرهونة فى أروقة الامم المتحدة ، أكلها العث ، والرطوبة !!! وهل تصدق أن دول الممانعة ستصمد فى مواجهة الراسمالية المتوحشة ، ولا زالت تستعبد شعوبها ، وتفتح سجونها للديمقراطيين والتقدميين .. أنت لوحدك فى المعركة ، اليس هم من نصحوا قيادتك وقالوا لها ' عليكم ايها الفلسطينيون ان تقلعوا اشواككم بأيديكم ولوحدكم ' !!!.
غزة فى أيادى أمينة مثل القرد قسام الجبنة .. والانقلاب الدموى ربانى .. ولا أحد عليه أن يعترض او يتأوه ، لا يهم .. ماذا يعنى أن قتل مائتان أو خمسمائة فلسطينى فى غزة ؟؟ فغرق عبارة مصرية او هندية ، او تصادم قطارين يموت فيه أكثر من ألف انسان !!! ماذا يعنى ان استبحنا بيوتكم ، ومحلاتكم ، ومؤسساتكم المدنية والأمنية ، مستشفياتكم ، وصحفكم ، واذاعاتكم ، وتليفزيونكم ، ودواوين عائلاتكم ؟ ماذا يعنى ان لاحقنا كل الشعب الفلسطينى من النهر الى البحر ؟؟؟ ماذا يعنى ان هربنا السجائر من الانفاق دون جمارك ، ورفعنا ثمن علبة السجائر الى 18 شيكل ؟ من أين نصرف على مليشياتنا المسلحة التى تقف على الحدود ، وتحفظ الأمن للمواطنين الذين ينتمون لنا !!!! ماذا يعنى ان وصل ثمن كيس الطحين 145شيكل ، فنحن ديمقراطيون لا نجبر مواطنينا الاحرار على شرائه ، ومن لا يقدر ، فعليه أن يأكل البسكويت ؟؟؟ ماذا يعنى ان ارتفعت تعبئة جرة الغاز الى 50 شيكل ، يمكن بدلا منها حرق الكتب والدفاتر ، وأشجار الزيتزن والبرتقال !!! ماذا يعنى ان قطعنا عنكم التيار الكهربائى ؟ ماذا يعنى ان هددنا قيادات العمل الوطنى الفلسطينى ، وبعض قيادات حزب الشعب الفلسطينى ، عضو الأمانة العامة طلعت الصفدى ، وعضو المكتب السياسى وليد العوض ؟؟ ماذا يعنى ان داهمنا مؤسساتكم كما كان يداهمها الاسرائيليون ، فهل الاسرائيليون أحسن منا ، على الأقل نحن من ابناء جلدتكم ، ونفهم لغتكم ، ونفطر ، ونتغذى ، ونتعشى معكم ، وكنا نفكر أن نصدر فتوى لا نصوم شهر رمضان معكم ، ولا يكون العيد مشتركا ، فكيف نعبر عن امارة غزة المستقلة ؟؟؟!!! ماذا لو طمعنا فى بناتكم ، ونسائكم ؟ ألا تعترفون بالغنائم ، وألا تؤمنون بالمثل الشعبى ' أنا وابن عمى على الغريب .. وأنا وأخى على ابن عمى .. وأنا لوحدى على أخى ' ، وهل بينزل من السماء حجر ؟؟!!!
الحقوق تنتهك ، وتحتاج لمحامين للدفاع عنها.. والدفاع عن الحقوق مهمة شاقة ، من ذا يصمد فى وجه الجلاد والطاغية ، وممارسات المليشيات والعسكر ؟؟؟ شعب يتوجع ولا يئن من الاحتلال والحصار ، والعدوان المتواصل ، أنه يعيش فى أتون الحياة المأساوية ، فالقتل ، والملاحقة ، والتعديات ، والاشتباكات اليومية ، تؤكدها الوقائع اليومية ، ولا أحد يستطيع اخفائها او تكذيبها ، الناس ترى وتسمع ، وتحس بالظلم ، وتردد كل من يطلق النار على الفلسطينى سواء اسمه محمود ، او شلومو ، او جورج فهو عدو الشعب الفلسطينى ، أنهم يحتاجون لمن يتولى قضيتهم بالرعاية والاهتمام .. ومن يدافع عن حقوقهم الانسانية ، ويتصدى لكل الانتهاكات فى الوطن .
أين هى منظمات حقوق الانسان المحلية والدولية ؟ اين هى منظمات المجتمع المدنى، التى تراكمت كالهالوك السرطانى ، اقامت الاف ورش العمل ، والمحاضرات ، والندوات فى فنادق الخمس نجوم، وصرفت عليها مئات الالاف من الدولارات ، ونفذت سياسات الدول المانحة ، من ما يجرى على ارض غزة ، من امتهان لكرامة الانسان الفلسطينى ، ودوس لحقوقه الانسانية السياسية والمدنية والاجتماعية ، فلا نسمع صوتها ، وصرخاتها على الظلم الانسانى ، الا بعضا منها تقف برجولة وبمهنية ، وبشجاعة ، وهى ترصد وتوثق كافة الانتهاكات فى غزة والضفة الفلسطينية ، وفى مقدمتها الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن ، ومركز الميزان لحقوق الانسان ، والمركز الفلسطينى لحقوق الانسان . اين ملايين الدولارات التى صرفت من أجل تعزيز الديمقراطية فى المجتمع الفلسطينى ، ومواجهة الارهاب الفكرى والجسدى ، والحديث عن الجندر ، وصون كرامة المرأة والدفاع عن حقوقها ، وحقوق العمال والمهمشين ، وأسر الضحايا والمعتقلين .
لا ديمقراطية دون احتجاجات شعبية وجماهيرية سلمية ، عمالية ونقابية ، مهنية ونسوية ، طلابية وشبابية احتجاجا على هتك كرامة الانسان الفلسطينى اينما كان على وجه الأرض ، ومصادرة حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية والثقافية ، واحتجاجا على رفع الاسعار ، وتجاهل مطالبهم فى الأمن ، والعمل ، والحياة بكرامة وبعزة.
الحقوق . الدفاع.. الشرف. الانتماء. مقولات ومفاهيم تحتاج لروح المحامين وشجاعتهم للدفاع عنها ...فالمحاماة مهنة انسانية وحقوقية .. والدفاع عن الحقوق هو أول واجب للمحامى ألذى جرى حتى الاعتداء على نقابتهم ، والسطو على القضاء الفلسطينى ، ومحاصرتهم ، ومحاولة خلق بدائل عنها .ان الظلم السياسى ، والاجتماعى ، والظلم الديمقراطى ، تحتاج لمحامين مخلصين لقيم شعبهم وتراثه ، ينتمون له و يدافعون بصدق عن حقوقه . فهل يوحد المحامون جهودهم ، ويفعلوا نقابتهم ، ويتصدوا لكل الانتهاكات التى يتعرض لها شعبنا الفلسطينى بشجاعة وجرأة ، ليبقى ميزان العدالة رمزا للعدل والانصاف